لم لا - سعيد مضية يرصد رواد التنوير في فلسطين
 
English

الرئيسية
عن لم لا؟
اسئلة متكررة
إتصل بنا
قواعد النشر
خارطة الموقع

منوعات

ربّي المخ قبل اللحية



حلول طريفة للقضية الفلسطينية



طرح عطاء لإنشاء دولة فلسطين



السيرة العجيبة للتواصل الاجتماعي؟



كنيسة جوجل!



استغفلونا ونحن صغار


هللويا فلسطين: البابا محمود عباس



فكّر خارج الصندوق ... روعة التفكير



المجدرة والمناقيش والمغربية ... أكلات فلسطينية



تسليات علمية



ثورة "سلو" دعوة تمهّل لعالم ذاهب نحو الهاوية


هل تصدق الرياضيّات؟


تمثال إمرأة فلسطينية


خطبة الهندي الأحمر الأخيرة



الجمعية الفلسطينية لتطبيق حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية


رسومات

تنويعات على العلم الفلسطيني




الرئيسية > كتب جديدة >

سعيد مضية يرصد رواد التنوير في فلسطين

أزراج عمر
تطوّر الأفكار الحرّة من القرن التاسع عشر إلى القرن العشرين

ما نعرفه عن الحركة الثقافية والفكرية الفلسطينية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين قليل بالمقارنة مع حجم معلوماتنا عن الحركة الشعرية والروائية والنقدية بفلسطين منذ 1948 إلى يومنا هذا.

ويمكن القول بأن الكتاب الصادر مؤخرا للباحث الفلسطيني سعيد فضية عن مؤسسة الإنتشار العربي تحت عنوان «روّاد التنوير في فلسطين» يقدم صورة لبانوراما المقاومة الثقافية والتربوية، والدينية لمجموعة من الشخصيات الفلسطينية البارزة مثل محمد روحي الخالدي (1864 – 1913) وخليل السكاكيني (أبو سري – 1878- 1953)، ونجيب نصار (1873 – 1948)، وخليل بيدس (1875 – 1949)، وتوفيق كنعان (1882 – 1964)، ومحمد إسعاف النشاشيبي (1885 – 1948)- وكلثوم نصر عودة فاسيليفا (1892 – 1965)، ونجيب عازوري المتوفي في عام 1916، وبندلي الجوزي (1871 – 1942).

مما لاشك فيه أن كتابة تاريخ المقاومة الثقافية والتربوية والفكرية للشعب الفلسطيني، ولإنتاج الشخصيات المذكورة آنفا وغيرها يمثل إنجازا مهما، وبادرة إيجابية من المأمول أن يجد فيها المهتمون بالقضية الفلسطينية، وحركة التحرر الوطني الفلسطيني مرجعا موثقا وموضوعا يساعدهم في دراساتهم، وفي علاقتهم بالنضال الذي يخوضه الشعب الفلسطيني من أجل الاستقلال وبناء دولته الوطنية.

ففي هذا الكتاب–الوثيقة يدرس سعيد مضية في مستهله جذور الثقافة في فلسطين وبداياتها والإعاقات التي تعرضت لها. وفي هذا السياق فإن المؤلف يبدأ بإلقاء الأضواء على تاريخ هذه الثقافة وأشكالها من آداب وتربويات ووسائل تبليغها، كالصحافة مثلا.

وبعدئذ يشرع في دراسة السير الذاتية الثقافية لمجموعة من المثقفين الفلسطينيين. فهو يرصد التاريخ، وزمن الإصطدام وزمن الحراك وعوامل الإعاقة لكي ينتقل منهجياً إلى الإنتاج الثقافي الفلسطيني في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وأواسطه. بادئ ذي بدء يناقش الباحث سعيد مضية مفهوم الثقافة مقسما مضمون هذه الأخيرة إلى ثقافة وطنية، وثقافة قومية، ويرى بأن الأولى «تضم كل ما أرسته حركة التحرر العربية من التخلف ومن السيطرة الأجنبية والتشرذم» و«تضم كل ما يغني إنسانية الإنسان، مما ألهمته إرادة مقاومة قوى الضغط الخارجي» وفضلا عن ذلك فإن هذه الثقافة الوطنية تزخر بالقيم الثقافية» و«المعلومات، والمثل، والمعايير السلوكية والأخلاق، والقيم الجمالية». أما الثقافة القومية «فتشمل جماع ما ترسب في الوعي الاجتماعي» وغير ذلك من العناصر الأخرى ويوضح الباحث سعيد مضية بأن السمة الأساسية للثقافة الوطنية الفلسطينية تتميز بأنها تنويرية، ونضالية ومقاومة وحامية للهوية.

إن هذه الأبعاد المميزة للثقافة الفلسطينية لم تخل – في مناقشة هذا الباحث – دون نقد بعض الجوانب السلبية كالخرافة وما تتضمنه الثقافة القومية من «نظرات سطحية» و«ما راكمته النفسية الاجتماعية من إنكسارات وقهر واستلاب عبر حكم السلاطين والاستبداد الفكري والسياسي، ثم قصور الرؤية وانحسارها في طائفية أو عشائرية أو قطرية». إننا نفهم هنا بأن سعيد مضية ينتقد الثقافة العربية، أو لنقل جزء من هذه الثقافة التي «لا ترقى إلى المفهوم القومي أو الانساني».

ومن جهة أخرى فإنه يسلّط الأضواء على القهر الاستعماري الذي تعرضت له الثقافة الفلسطينية على أيدي الاحتلال الإسرائيلي. إن هذا القسم من الكتاب والمخصص لبدايات الثقافة في فلسطين، وللإعاقات التي واجهتها يستحق وقفة مطولة ليس هذا مكانها. ولكن ينبغي التساؤل عن العمق التاريخي الموغل في القدم والذي يعود بالثقافة الفلسطينية إلى ما قبل التاريخ لأن هذه الخلفية مهمة فيما يتعلق بالهوية الثقافية الفلسطينية في التاريخ، ولكن يبدو واضحا بأن الباحث سعيد مضية قد حصر مجال بحثه في الفترة الممتدة من القرن التاسع عشر إلى أواسط القرن العشرين مما يجعل عدم دراسة التحقيب التاريخي للظاهرة الثقافية الفلسطينية أمرا مبررا من الناحية المنهجية.

ففي تقديري، فإن القسم الثاني المخصص لدراسة الشخصيات الفلسطينية المثقفة والمفكرة يمثل صلب وأفق البحث خاصة وأن المؤلف قد سلك فيه نهج السيرة الثقافية والفكرية لكل واحدة منها على حدة. إنه قسم غني بالمعلومات، والنماذج الدّالة على المقاومة الثقافية والفكرية والروحية للشخصيات المدروسة وللمجتمع الفلسطيني بصورة عامة.

إن كتاب الباحث سعيد مضية يتوفر على التحليل والتوثيق، ويبرز أن القضية الفلسطينية لها سندها الثقافي، والفكري، والروحي كأشكال وكمضامين للهوية الوطنية التاريخية الفلسطينية، ولمقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي – الصهيوني.
 


developed by InterTech