د. خليل نخلة
مؤسسة روزا لوكسمبورغ، فلسطين، المكتب الإقليمي، تعلن للقراء المعنيين بتنمية المجتمع الفلسطيني، إصدارها للطبعة العربية لكتاب الدكتور خليل نخلة الجديد (2011) بعنوان فلسطين: وطن للبيع. والكتاب متوفر في المكتبات في الضفة الغربية وقطاع غزة ومناطق 1948.
يتناول الكتاب بشكل أساسي الدور الهدّام للتحالف الثلاثي غير الرسمي المشكل من: (1) النخبة السياسية/الرأسمالية الفلسطينية، (2) المنظمات الفلسطينية "التنموية" غير الحكومية، (3) وكالات المساعدات العالمية عابرة الحدود الوطنية، في إعاقة "التنمية التحررية المرتكزرة على الناس" وعرقلتها بل وتقويض دعائمها. يقدم هذا الكتاب أفكارا لكيفية تحرير أنفسنا وتحرير وطننا من الإحتلال والتبعية وهيمنة رأس المال ومؤسسات الدعم الخارجي.
إصدار هذا الكتاب ليس مشروعا ربحيا، بل مشروع نضالي تعبوي تثقيفي. الهدف أن يصل هذا الكتاب ليد كل معني وحريص على مصلحة ومستقبل هذا الوطن. نأمل أن يساهم هذا الإنتاج في تحريك سجال مجتمعي هادف.
--- --- ---
"سلطة اوسلو ستان جعلت فلسطين وطنا للبيع "
ناصر اللحام
وكالة معاً الإخبارية 13 حزيران/يونيو 2011
لا تزال الآلهة تعاقبني بعادة القراءة يوميا ، وكثيرا ما تتسبب لي القراءة باّلام في المعدة ووجع في الاسنان ، ومع ذلك احاول ان اقرأ كل ما يصدر وينشر في المكتبة الفلسطينية . ولا أقرأ صنف محدد من الثقافة ، بل احاول ان اقرأ لجميع المذاهب الثقافية والدينية والسياسية حتى اتعلم أكثر وأكثر .. واخر كتاب قرأته كان يحمل عنوان ( فلسطين : وطن للبيع ) للكاتب خليل نخلة . فيما ساهم في تقديمه الدكتور المحترم المتخصص في الاقتصاد السياسي عادل سمارة .
وفي التقديم يقول د. عادل سمارة : ان بوسع عالم الانسان ان يكشف المستور بالمعنى النقدي والوطني وان يكشف عن الخاصرتين الاكثر ضعفا وخطورة في الوضع الفلسطيني وهما النخبة / بل القشرة السياسية والنخبة المالية . فقد لامس الكتاب بوضوح فساد هذه النخب وفساد الغرب الرأسمالي في احتضانه لها . ويعتبر الدكتور عادل سمارة الكتاب مقدمة لويكليكس عن سلطة اوسلو ستان ومكوّنها الكومبرادوري والطفيلي .
والحقيقة ان ما ورد هو اقل ما يمكن ان يكون قد حمّل الكتاب عن قيادة سلطة اوسلو السياسية والاقتصادية وكيف انها باعت فلسطين ! وما لفت انتباهي ان مؤلف الكتاب خليل نخلة ( كتب باللغة الانجليزية لانها اسهل بالنسبة له من العربية ) كان قد عمل نحو 20 عاما مع مؤسسات التعاون الغربي التي تشرف على المشاريع الداعمة للسلطة ، وهو يعترف ويقول انني كنت لاكثر من 20 عاما احد المستفيدين سواء من موقعي في جنيف في مؤسسة التعاون او في رام الله في العمل مع الاتحاد الاوروبي .
وبعد ان ينتقد الكتاب فكرة اقامة دولة فلسطين تحت الاحتلال ويثبت انها وهم ويدعو الى تنمية مرتكزة على الناس ، ومن خلال 280 صفحة متراصة يؤكد نخلة ان السلطة وهم ومشاريعها التنموية وهم وان النخب الاقتصادية والسياسية هي المستفيدة بينما يجب ان ترتكز التنمية على الناس لتصبح تنمية تحررية !
ولاختصار الامر اقتبس حرفيا من الكتاب: ما يهمني هو ان ابيّن من خلال هذا التحليل ان الطبقة الرأسمالية الفلسطينية بجناحيها المغتربين وابناء البلد هي بطبيعتها في المقام الاول غير ملتزمة وغير معنية وغير قادرة على تطوير نوع من المجتمع المتماسك اللازم لمقاومة الاحتلال والتخلص منه . وان همها الاساسي هو اطلاق مشاريع رأسمالية استهلاكية والابقاء عليها والتوسع فيها وذلك بالتعاون مع هياكل الاحتلال ولكن تحت مسميات مختلفة .
وفي التأملات النظرية للكتاب والذي يعتمد جوهر الفكر النقدي الاجتماعي اليساري يسرد الكاتب الاف التفاصيل الصحيحة وكيف ان القيادة الفلسطينية لم تعد تلهم الناس الحماس للتخلص من الاحتلال بل صارت تعمل على اخماد حماسهم ...وان المثقفين لا يعملون سوى على تأمين حصتهم من غنائم الاستقلال، وان النظام نفسه يعاني من عدم المساوة فيما يتعلّق بالثروة واحتكارها ، وان كل هذا يقود الى اعادة استعمار العالم الثالث من خلال عملية العولمة التي تديرها انظمة الهيمنة المالية الغربية ووكالات التمويل العابرة للحدود والمنظمات غير الحكومية ومن خلال عسكرة الكوارث الانسانية .
وفي النهاية يمكن القول ان الكتاب يتصدّى لادعات التنمية الفلسطينية وتحالف السلطة مع المنظمات غير الحكومية ( المثقفون الذين يقبضون بالدولار ) وجهات التمويل الغربية، ويدعو الكتاب الى تحرير عقول الناس واجسادهم من الظلم الخارجي والقمع الداخلي واساءة المعاملة والفساد والانحراف ....الخ .
واذا يسمح لي الكاتب ، واذا يهمّ الخبير د.عادل سمارة ، فانني كصحافي اسجل بعض الملاحظات على هذا الكتاب ، بل وادعو الجامعات الفلسطينية والحكومة الى عقد جلسات لتقييمه ونقده ايجابا او سلبا:
اولا : ان الكتاب غني جدا بالتفاصيل والتجربة التي يجب ان نعود لدراستها وتقييمها، فالكاتب ليس سياسيا او ايديولوجيا يريد تمرير فكرة ، بل هو شاهد على العصر يقدّم شهادته بكل تفصيل.
ثانيا: هناك خلل حقيقي في مسألة توازن السلطة مع رأس المال الوطني، وسبق وكتبنا كصحافيين انه لا يجوز ان تقوم السلطة ببيع الوطن من خلال بيع الاحتكارات فهي لا تملك النفط ولا السجائر ولا الغذاء ولا الماء ولا الكهرباء ولا المعابر ولا الاستراحة ولا شئ والآن تشحد رواتبنا من القريب ومن الغريب وهو امر لا مندوحة عن بحثه من جديد.
ثالثا: الكاتب لم يذكر اية ايجابية واحدة للمرحلة السابقة، ورغم انه استفاد منها مثل غيره، الا انه جعل الدنيا سوادا في وجوهنا ، وكأننا كشعب وكمثقفين وكفصائل وكمنظمات حكومية بعنا فلسطين للرأسماليين ، وكأن الكاتب منفصل عن الواقع ولا يسمع الاخبار ولا يشاهد صمود الناس وبناء المدارس والجامعات ومدّ شبكات الكهرباءاوالماء وما فعلته السلطة والفصائل في وجه الاحتلال.. ان من يقرأ الكتاب يتصوّر ان اهل فلسطين لا هم لهم سوى اقامة شركات استثمار مع هياكل الاحتلال ولا يوجد اي مقاومة ابدا.
رابعا: مثل كل المثقفين، وبالذات المثقفين اليساريين، ينقض الكاتب الواقع ولا يطرح بديلا عنه، فلو قررت اية حكومة الموافقة على توصيات الكاتب، واوقفت اموال الدعم واغلقت المنظمات غير الحكومية التي يموّلها الاستعمار الاجنبي واوقفت المشاريع التي لها صلة بالاحتلال بشكل مباشر وغير مباشر ، وضربت البنك الدولي ومشاريعه بالحذاء، ماذا سيفعل الناس ؟ واين سيذهبون ؟ لا سيما وان المعابر بيد الاحتلال ؟ هل يعرف الكاتب ان البديل عن الواقع الحالي هو الارتماء في حضن الاحتلال مرة اخرى والى الابد، واننا سنعود الى العمل كخدم عند المقاولين اليهود ومن دون اية حقوق ؟
خامسا: اذكر ان الدكتور عادل سمارة اصدر كتابا في الثمانينيات يحمل عنوان ( اقتصاديات الجوع في الضفة والقطاع ) ودعا لاحقا وخلال انتفاضة الحجارة الى وقف العمل في اسرائيل ومنع العمال من التوجه الى المدن الاسرائيلية ووقف مدّ الاحتلال بالايادي العاملة الرخيصة ومقاطعة ورش العمل الصهيونية.
ومن ثم ولمّا التزم الشعب الفلسطيني بهذه النظرية صار شارون لا يريد العمال العرب وبنى جدارا، ولم نجد الدول العربية تدعمنا ولولا اسرائيل واوروبا وامريكا والدول الاستعمارية التي تقوم الآن بدعم السلطة لانهارت خلال خمس دقائق...
سادسا: نيابة عن جمهور القراء اسمح لنفسي بالقول ان كل ما ورد في كتاب الدكتور خليل نخلة صحيحا، وسأفترض ان الرأسماليين ومعهم النخب السياسية المستفيدة جشعون ويريدون مصّ دم الشعب حتى لو كلّفهم الامر التعاون مع الاحتلال. حسنا، اي نموذج سنعتمد؟ واذا ما رفضنا التمويل الاجنبي ولم نعمل في داخل الخط الاخضر... ما هو البديل؟