المطبات التي تجثم في شوارع رام الله والبيرة، وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية، والطرق فيما بينها، كانتشار البثور في وجه الأطفال المصابين بالجدري، أصبحت من العلامات المميزة للحياة في الضفة الغربية.
في بريطانيا يسمونها "الشرطي النائم" لأنها توفّر عليهم شرطة صاحين، وفي فرنسا يسمّونها "ظهر الحمار" لأنها تقصف الظهر.
عندنا أصبح المواطن والسائق يتعامل معها مثلما يتعامل مع مصائب الاحتلال الأخرى، بالتحمّل والتذمّر والسباب والالتفاف حولها إن أمكن.
وتبدو هذه المطبات بسبب كميّتها وتصميمها وكأن الغاية منها هو عقاب السيارات وليس تخفيف السرعة، وكأن من صممها يعمل في خدمة كاراجات تصليح السيارات.
مسكين الماشي في رام الله
من متع المعيشة في المدن هو المشي في الشوارع، حيث تتريض وتتأمل المارة والحوانيت وغيرها. وثمة فارق أساسي بين المشي عندنا والمشي في المدن الأخرى مثل لندن وباريس وحتى القاهرة ودمشق بيروت.
المشي في رام الله، ومعظم المدن الأخرى في الضفة الغربية، هو معركة مستمرّة مع الأرصفة الضيقة أو غير الموجودة أو المرتفعة زيادة أو المنخفضة زيادة والمستباحة من السيارات، ومع الشجر الذي يحتل الرصيف وخاصة الزيتون غير المصمم للأرصفة والذي يدل على الأصول الفلاحية لواضعيه، ومع الباعة الذين ينشرون سِلعهم على الأرصفة، ومع الكثير من المشاة الآخرين.
فإننا نجد المشاة في المدن العريقة يحسبون حساب الآخرين ويفسحون المجال لهم للمرور وتجد المارة ينسابون فيما بينهم بالرغم من ازدحام هذه المدن بالناس. أما عندنا فلا توجد مراعاة للآخرين أثناء الوقوف أو المشي، وخاصة للأم مع أطفال أوعربة أطفال، ولعلها الثقافة الريفية التي لم تتحول بعد إلى ثقافة مدينية مع ما يتبعها من تعايش مع كم أكبر من الناس.
ويلجأ أحد الظرفاء إلى جملة يقولها على مسمع الذين يعيقون السير: "عاملين حاجز؟"
ولما لهذه الإشارة من علاقة بالاحتلال فإن الذين يقفون بالطريق أو يسيرون الهوينا سرعان ما يخلون الطريق.
ضدّ المساواة بين الجنسين
قال: طبعاً، أنا أؤيد المساواة بين الجنسين
قالت: أنا ضدّ المساواة
قال: معقول؟
قالت: نعم، أنا ضدّ أن تخفّض المرأة مستواها لتتساوى مع الرجل!
الزبالة في مدينة فلسطينية
قال أحد الذين عاشوا فترة طويلة في مدن نظيفة أن مايلفت الانتباه هنا هو نظافة البيوت ووسخ الشوارع. فالزبالة منتشرة في الشوارع وعلى جوانبها وفي الطرق الخارجية وفي الريف والطبيعة، وكأن لدى الشوارع أو الطبيعة ماكينة ضخمة لمعالجتها وإخفائها.
فكم نرى السيارات، بما فيها السيارات الفارهة، والنفايات تنطلق من نوافذها في أي اتجاه، بدون أي مراعاة أو شعور بالمسؤولية. كما نجد الأمر ذاته من قبل المشاة، كباراً وصغاراً، دون أي حسّ بأن ذلك أمر مستنكر.
ويجري ذلك بالرغم من وجود حاويات النفايات بأعداد لابأس بها في معظم المناطق، وقيام جيش من عمّال النظافة بعمل جبار لتنظيف الشوارع في ساعات النهار والليل، وقيام سيارات االنفايات بإفراغ الحاويات بانتظام.
ويلجأ هذا الذي عاش في الخارج وعاد إلى الوطن منذ حين إلى إرسال البطاريات المستهلكة إلى القدس مع أحد الأصدقاء الذين يمكنهم الذهاب إلى القدس حتى يوفّر بعض الرائحة المنبعثة من حرق مزابل رام الله والبيرة، والتي يعرفها كل من يتواجد في الاتجاه الخاطىء للريح التي تهب عليها.