كم يبلغ سُمك ورقة إن كان بإمكانك أن تطويها 50 مرّة؟
(ولنأخذ كمثال الورق الشائع الاستعمال وسُمكه 0.1 أو عُشُر مليمتر)
والمسألة تذكّر بقصة مخترع الشطرنج:
تقول القصة إن الملك الذي أعجب جداً بالشطرنج قال لمخترعها أن يطلب أية مكافأة يريد. مخترع الشطرنج طلب من مليكه الحصول كمكافأة على حبة قمح واحدة في أول خانة وحبتين في الثانية و 4 حبات في الثالثة ، ثم ثماني ثم 16 ثم 32 وهكذا بمضاعفة الحبات في كل خانة تالية حتى الخانة 64 .
الملك وحاشيته ضحكوا من تواضع المخترع. ولكن من سيضحك أخيراً؟
الأجوبة
هل تصدق أن كل قمح العالم لا يكفي لمنح مخترع الشطرنج المكافأة التي طلبها؟
ها هي القصة، عن كتاب مسائل و تجارب مسلية تأليف ياكوف بيريلمان
ابتكرت لعبة الشطرنج لأول مرة في الهند، و عندما تعرف على هذه اللعبة الملك الهندي شيرام، دهش لظرافتها و لتنوع الأوضاع الممكنة فيها، ولما عرف بأن اللعبة قد ابتكرت من قبل أحد مواطنيه الهنود، أمر بإحضاره إلى البلاط لكي يكافئه بنفسه على اختراعه الموفق.
حضر المخترع و كان اسمه – سيتا – إلى بلاط الملك، و كان ذلك الشخص عالماً متواضع الملبس، يعيش من المساعدة المالية التي يدفعها له تلاميذه.
خاطبه الملك قائلاً:
- أريد أن أكافئك يا سيتا بما يليق بك، على تلك اللعبة الرائعة التي اخترعتها.
أحنى العالم رأسه احتراماً للملك .
ثم واصل الملك حديثه:
- إنني غني بما فيه الكفاية، لكي أحقق لك أية رغبة جريئة من رغباتك التي تطلبها، أذكر نوع المكافأة التي تريدها وسوف تحصل عليها.
و لكن سيتا بقي صامتاً.
أما الملك فقد شجعه على الكلام، قائلاً:
- لا تخف، أفصح عن رغبتك وسوف لن أبخل عليك بشيء في سبيل تحقيقها.
ورد عليه سيتا:
- إنك عظيم الشفقة يا سيدي الملك، ولكن أرجو أن تمهلني في التفكير في الإجابة، وغداً، بعد تفكير عميق سأخبرك برغبتي.
وعندما حل اليوم التالي، وظهر سيتا أمام عرش الملك، دهش الملك لرغبة سيتا المتواضعة إلى حد ليس له مثيل، حيث قال سيتا:
- سيدي الملك أرجو أن تأمر بإعطائي حبة قمح واحدة على المربع الأول في رقعة الشطرنج.
قال الملك:
- حبة قمح عادية؟
- نعم سيدي الملك، وأن أُعطى عن المربع الثاني حبّتان، وعن الثالث أربع حبات، وعن الرابع ثمان حبات، وعن الخامس 16 حبة، وعن السادس 32 حبة.... وهلم جراً.
وقاطعه الملك بانفعال :
- كفى ! سوف تحصل على القمح الذي تطلبه عن كافة مربعات رقعة الشطرنج التي يبلغ عددها 64 مربعاً طبقاً لرغبتك، لكل مربع عدد من حبات القمح، يساوي ضعف العدد الذي أعطي للمربع الذي سبقه . ولكن يجب أن تعلم بأن طلبك هذا لا يليق بكرمي و سخائي، وبطلبك التافه هذا، قد تجاهلت عطفي بشكل مهين، وكان بإمكانك حقاً، كمعلم، أن تعطي أحسن مثل لاحترام وتقدير طيبة مولاك الملك. إذهب الآن ّ إن خدمي سيعطونك كيساً من القمح. وابتسم سيتا، ثم ترك الصالة وراح ينتظر عند باب قصر الملك.
وعلى مائدة الغذاء، تذكر الملك مخترع الشطرنج، وبعث يسأل هل استلم سيتا الأرعن مكافأته التافهة أم لا.
وجاءه الجواب:
- أيها الملك، إن أمرك في سبيله إلى التحقيق. إن علماء الرياضيات في القصر، يحسبون عدد حبات القمح اللازمة.
وتجهم الملك، لأنه لم يتعود على رؤية أوامره تنفذ بهذه الطريقة البسيطة.
وكان المساء وسأل الملك عن المكافأة ولكن الجواب كان:
- أيها الملك إن علماء جلالتك يعملون دون كلل، ويأملون في انتهاء الحساب مع طلوع الفجر.
في الصباح طلب كبير العلماء المثول أمام الملك لأمر مهم وكان له ذلك.
وقال للملك :
- لقد قمنا بأمانة و صدق بحساب كمية القمح التي يريد سيتا الحصول عليها وقد كان العدد كبير وهائل إلى حد بعيد.
قاطعه الملك :
- مهما كانت ضخامة هذا العدد، فسوف يعطى للعالم سيتا، لقد وعدت بصرف المكافأة ويجب ان تصرف.
قال العالم:
- ليس بمقدورك يا سيدي الملك تحقيق مثل هذا الطلب، ولا يوجد في كافة عنابرك مثل هذا العدد الذي طلبه سيتا، ولا وجود له في كافة مخازن الحبوب في المملكة برمتها، لو أراد الملك أن يمنح هذه المكافأة فليأمر بتحويل الأرض بأسرها إلى حقول مزروعة بالقمح، وليأمر بتجفيف البحار و المحيطات لتزرع مكانها القمح، ثم تعطى كل محاصيل هذه المساحات إلى سيتا.
اندهش الملك و طلب من العالم أن يخبره بهذا العدد الهائل.
- فأجابه العالم : 18446744073709551615 حبة قمح.
عندها أدرك الملك الهندي أنه ليس بمقدوره تقديم هذا العدد الهائل من حبات القمح إلى سيتا، ولكنه استطاع بكل براعة أن يتخلص من دفع هذه المكافأة الباهظة، فما كان منه سوى أن طلب من سيتا بأن يعد بنفسه كمية القمح التي طلبها حبة حبة.
بالفعل لو بدأ سيتا بعد حبات القمح، ولو أنه صرف ثانية واحدة لعد كل حبة من حبات القمح، لتمكن في اليوم الأول من عد 86400 حبة فقط، ولأجل عد مليون حبة فهو بحاجة إلى عشرة أيام على الأقل، و نرى بأنه لو وهب سيتا ما تبقى من عمره لعد الحبوب التي طلبها، لما حصل إلا على جزء تافه جداً من المكافأة التي طلبها من الملك.
--- --- ---
وإذا عدنا إلى سؤال سمك الورق بعد خمسين طوية
فهل تصدّق أن نتيجة سُمك طي الورقة خمسين مرة هي أكثر من ثلثي المسافة بين الأرض والشمس؟
إن لم تصدّق، إحسبها!
--- --- ---