لم لا - "إذا كانت أمي تحب لقب "دكتورة" فلتدرس هي الاختصاص بدلاً مني"
 
English

الرئيسية
عن لم لا؟
اسئلة متكررة
إتصل بنا
قواعد النشر
خارطة الموقع

منوعات

ربّي المخ قبل اللحية



حلول طريفة للقضية الفلسطينية



طرح عطاء لإنشاء دولة فلسطين



السيرة العجيبة للتواصل الاجتماعي؟



كنيسة جوجل!



استغفلونا ونحن صغار


هللويا فلسطين: البابا محمود عباس



فكّر خارج الصندوق ... روعة التفكير



المجدرة والمناقيش والمغربية ... أكلات فلسطينية



تسليات علمية



ثورة "سلو" دعوة تمهّل لعالم ذاهب نحو الهاوية


هل تصدق الرياضيّات؟


تمثال إمرأة فلسطينية


خطبة الهندي الأحمر الأخيرة



الجمعية الفلسطينية لتطبيق حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية


رسومات

تنويعات على العلم الفلسطيني




الرئيسية > شبابيات >

"إذا كانت أمي تحب لقب "دكتورة" فلتدرس هي الاختصاص بدلاً مني"

هم الذين يهبون الحياة لأولادهم. يأتون بهم إلى هذا العالم، لكنهم سرعان ما يتحوّلون إلى "أدوات ضغط" عليهم عبر تغليب "أناهم". يحدث هذا فيما يخصّ
الاختصاص الجامعي الذي يرغب الأهل بأن يختاره الأبناء. لكنه أمر قد يولد صراعاً بين رغبة الأبناء في المضيّ بتحقيق طموحاتهم من جهة، وإرادة أهاليهم في "التحامهم" معهم، من جهة أخرى.

فما تفسير هذه "الأنانية" في أن يسلك الأولاد درباً رسمه أهاليهم؟ ولماذا يرضخ البعض لرغبات الأهل، ويتمرّد البعض الآخر؟ كيف السبيل لتخطي رغبات قد تصعب أن تتجسد في هذا الولد أو ذاك؟ باختصار، كيف يعي الأهل أن "أولادهم ليسوا لهم.. بل هم أبناء الحياة..".

ملأ صوت ناديا م. (18عاماً - سنة أولى إدارة أعمال) المرتفع أرجاء قسم إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت، لدى شجارها مع والدتها، عبر الهاتف. موقف جعل زملاءها يشيرون عليها بالبنان: "هذه ناديا التي تعرف كلّ الجامعة قصتها". أرادت والدتها أن تتجه إلى دراسة الطب، نظراً لعلاماتها المرتفعة. فإدارة الأعمال بالنسبة لهم اختصاص سهل، يمكن لأي كان أن يدرسه. لكن الفتاة أبت الرضوخ لرغبة أمها، فهذا المجال يتطلب ثلاث عشرة سنة من الدراسة، كما تقول. "يعني سأدفن طوال حياتي"، تعبّر بسخط: "أتريد أمي أن لا أنجب الأطفال؟ أن لا يكون لي حياة اجتماعية؟ إذا أرادت أن ينادونني بـ"الدكتورة" فلتذهب وتدخل الاختصاص هي بدلاً عني".
عانت ناديا كثيراً من الضغط الذي كان يمارس عليها من قبل أهلها القاطنين في الخارج: "عشت ثلاثة أشهر من الضغط النفسي، الأمر الذي أثّر على دراستي وجعلني أتراجع نسبياً في علاماتي". في المقابل، شكّل زملاء ناديا دعماً معنوياً كبيراً لها، فقد كانت تفرغ حزنها عبر الحديث معهم. كما كان للشاطئ أيضاً حصته في "سماع" شكواها: "كل يوم كنت أذهب إلى هناك وأبدأ بالبكاء..".
على العكس من ناديا، خضع عبد الحفيظ الحاج (20 عاماً - سنة أولى مسرح) لرغبة أهله، في البداية. كان ذلك عندما أرادوا له أن يتخصص في الهندسة في الخارج، مع إنها تعتبر مكلفة نسبياً. وعندما حالت ظروف عائلية دون ذلك، قرر الشاب دخول الاختصاص المحبب إلى قلبه: المسرح. لكنه هذه المرّة انتسب إلى الجامعة اللبنانية، بعدما رفض أبوه دفع تكاليف دراسته في جامعة خاصة، على اعتبار أنه "ما بيدفع على هيك اختصاصات". والنتيجة أن عبد الحفيظ يتابع اليوم دراسته مع عدم اقتناع الأهل باختياره.

“طق حنك"، بهذه العبارة يختصر حسام د. ( 21 عاماً – سنة ثانية إدارة فنادق) موقف أبيه من اختصاصه، أو بالأحرى من الاختصاصات كلها.. عدا الطب والصيدلة. فالوالد يرفض رفضاً تاماً أن يخضع أولاده لسلطة تقع فوق رؤوسهم: “يجب أن تكون سيد نفسك، هكذا كان يقول لي، مبرراً تفضيله لهذين الاختصاصين".
رفض حسام هذا المنطق، ودخل الكليّة سراً: "عملت اللي براسي". والنتيجة مواجهات مستمرة مع الأهل، راهن خلالها الوالد على رسوب الابن، الأمر الذي ولّد لدى حسام حافزاً على الاجتهاد أكثر، بل التفوق في مجاله.

"التربية.. عمل مأجور"

تعرّف اختصاصية علم النفس الاجتماعي، الدكتورة رجاء مكي، الإنجاب بأنه نوع من استمرارية الأهل في البقاء. فهو يحقق لهم الأمان والحماية. كما قد يكون مصدراً لإعادة تشّكل الذات. تقول إن فيه آلية نفسية قائمة على وهب الحياة للآخر، شرط أن يكون “ابننا”.
والطفل، بحسب مكي، هو مرآة لزمن سابق في طفولة الشخص. فهو يمثّل الحاضر، عبر الرغبة الآنية في "أن ننجب"، وكذلك المستقبل عبر تنوّع نظرة الأهل لأولادهم. وتصف هذه المرحلة بـ"المعقدة" على الصعيد النفسي: "يرغب الأهل بأن يضعوا ما يوّدون وما يحبون في الطفل.. يريدونه أن يكون على شاكلتهم".
أما مرحلة تشّكل "المرض النفسي" فتبدأ بالتمظهر عندما يرغب الأهل بامتلاك أطفالهم كما يملكون الحبيب، تقول مكي. وتتحول التربية عندها إلى "عمل مأجور"، يقابله خضوع الأولاد لرغبات الأهل.
في جانب آخر للمسألة، وتحديداً فيما يتعلق بتقليل الأهل من شأن بعض الاختصاصات، ترى مكي أن ذلك يعود إلى محاولة التعويض الذي يراه الأهل، لتحقيق الأمن الاجتماعي، عبر المهن التقليدية. أو ربما إلى الجهل بالاختصاصات الحديثة المتصلة بالتكنولوجيا والاتصال، على سبيل المثال.
تمرّد.. وتقليد

تتشاطر الزميلتان في قسم الديكور زينب ي. (21 عاماً) ونسرين تحفة (23 عاماً) المعاناة نفسها مع الأهل، حول اختيار الاختصاص. تروي زينب تجربتها مع أهلها: “تحّديت هذا المثلث: طب، محاماة، هندسة”، قبل أن تستدرك: “في البداية انصعت إلى رأي أهلي، فدخلت المحاماة. كنت أنام في القاعة أحياناً أثناء المحاضرة.. لكن بعد ذلك قدّمت سراً امتحان الدخول إلى الديكور، ونجحت”. وتفتخر زينب بكونها سهّلت الطريق أمام أختها الصغرى التي دخلت الاختصاص الذي أرادته: “أعتقد أن أهلي تعّلموا درساً”.
أما نسرين، الفتاة الوحيدة في العائلة، فاتبعت سياسة مختلفة. أرادت لها والدتها أن تدخل مجال المحاسبة. فالديكور كما تقول أم نسرين “لا يطعم خبزاً”، ناصحة إياها بأن تدخل مجالاً يليق بها نظراً لكونها “صبية” أو أنثى. ولأن نسرين أحبّت أن ترضي أهلها، كما تقول، دخلت قسمي إدارة الأعمال والديكور معاً. ومع مرور الوقت، بدأت بإقناعهم عبر الحوارات اليومية والأساليب غير المباشرة. كانت، مثلاً، تحضر كل يوم إلى المنزل معّدات وألوان، تمضي معها ساعات طويلة من العمل، كي يعي أهلها أن شغفها بهذه المهنة أقوى من أي اعتبار.
لكن، سرعان ما سيتضح أن “تمرد” كل من الزميلتين سيذهب أدراج الرياح، مستقبلاً. فالفتاتان اعترفتا برغبتهما في “إعادة تجسيد” دور الأهل. تقول زينب أنها ستعيد الكرّة مع ابنتها في المستقبل، في حال أرادت أن تدخل قسم التمثيل مثلاً. موقف يتعارض مع ما مارسته هي، لكنه ينسجم، بحسب ما تبرر، مع “التزامها الديني”!.
كذلك تعترف نسرين. وتزيد على اعترافها تبريرات تحاول عبرها تفسير موقف أهلها الرافض لاختيارها. تقول إن رفضهم هو نوع من التعبير عن العادات والتقاليد. ثم تضيف: “الفتاة مصيرها أن تصبح ربّة منزل.. كيف ما برمنا منرجع للتقاليد.. لسنا منعزلين عن العالم!”.

في هذا الخصوص، تجزم مكي بأن بعض الأبناء، وإن كانوا تمرّدوا في صغرهم أو امتهنوا الاختصاص الذي يريدونه، يسلكون الطرق عينها (التي استخدمها أهاليهم معهم) مع أولادهم في المستقبل، بطريقة لا واعية.

"أنا أشبه والدي.."

لمروة حيدر (21 عاماً ماجستير صحافة) قصة مختلفة مع اختصاصها. فمروة نشأت بين مقالات أبيها والكتب التي كان يقرأها. وهي أيضاً “الدلوعة الصغيرة” كما تصف نفسها: “أنا أشبه والدي كثيراً. طبعي مثل طبعه، حتى أنني أحب الطعام الذي يحبه”. مروة نموذج من الطلاب الذين لم يكن لديهم مشاكل تذكر مع عائلاتهم فيما يتعلق باختيار الاختصاص الذي يرغبون به. هكذا اتجهت الفتاة تلقائياً إلى اختصاص أبيها: “لم أكن أشعر أنني كنت أريد اختصاصاً آخر، لقد أخذت قرار الانتساب إلى كلية الإعلام منذ سن الرابعة عشرة”.
يكمن الفرق بين الطفل المتمرد و”المطيع”، حسب مكي، في ردّ الفعل العكسي في تربية الأهل لأولادهم. هناك فرق في أن يقبل الولد الإملاء والرضوخ، لأنه هنا يكون بحاجة إلى الحماية والأمان، أو أن يكون متمرداً. والطفل المتمرد، كما تعّرفه مكي، بأنه ذاك الثائر الذي لديه إحساس بالعبودية والخضوع لسلطة تحدّ من تحركه، فالقمع وكذلك الألم هما “أدوات” تحرّكه.
وترى مكي بأن كل طفل، ومنذ انفصاله عن جسد أمه، يعيش ضمن إطار العدوانية، وهذه وضعية طبيعية. تتطور هذه الحالة أو “تهّذب” تبعاً للبيئة التي سيربى فيها. لكن تستدرك: “من يشعر بالتحرر داخله ليس بحاجة للتمرد، هو فقط يريد القول بأنه موجود”.


لا يوجد تعليقات

أضف تعليقك

الاسم/الكنية*:
البلد:
البريد الإلكتروني *:
التعليق على *:
العنوان :
التعليق *:



developed by InterTech