لم لا - مهارات القرن الحادي والعشرين
 
English

الرئيسية
عن لم لا؟
اسئلة متكررة
إتصل بنا
قواعد النشر
خارطة الموقع

منوعات

ربّي المخ قبل اللحية



حلول طريفة للقضية الفلسطينية



طرح عطاء لإنشاء دولة فلسطين



السيرة العجيبة للتواصل الاجتماعي؟



كنيسة جوجل!



استغفلونا ونحن صغار


هللويا فلسطين: البابا محمود عباس



فكّر خارج الصندوق ... روعة التفكير



المجدرة والمناقيش والمغربية ... أكلات فلسطينية



تسليات علمية



ثورة "سلو" دعوة تمهّل لعالم ذاهب نحو الهاوية


هل تصدق الرياضيّات؟


تمثال إمرأة فلسطينية


خطبة الهندي الأحمر الأخيرة



الجمعية الفلسطينية لتطبيق حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية


رسومات

تنويعات على العلم الفلسطيني




الرئيسية > التعلم >

مهارات القرن الحادي والعشرين

أود أن أبدأ بشكر مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم لمنحي هذه الفرصة الرائعة للحديث عن موضوع بالغ الأهمية لهذا الجمهور المتميز.
وحيث أنني سوف أقوم بعد قليل بالتشديد على أهمية الانضباط، أجد لزاماً عليّ أن أبدأ بأن أفرض على نفسي انضباط تعريف المصطلحات والمنظور. أعني بالمهارات عادات العقل وأنماط السلوك. ومن الواضح، عدا عن حالة التعلم الذاتي، أن المهارات لا بدّ من أن تنقلها هيئة معينة. وأنا كرئيس جامعة، ملزم بالتفكير في مجال التعليم العالي. ولذا، سأتحدث بالإشارة إليه.

أعتقد أننا يمكن أن نتفق جميعا على أن العالم قد بات معقداً، وسيصبح أكثر تعقيدا، ربما بوتيرة متسارعة. من هنا، فإن اكتساب مهارات التحليل وحل المشاكل أصبح ضرورياً للمضي قدما في الحياة اليومية، ناهيك عن النشاط المهني. وليست هناك طريقة أفضل، بل ربما ليست هناك وسيلة أخرى، لاكتساب هذه المهارات من أن يكون المرء راسخا في التخصصات، أي أن يكون على دراية بأساليب التخصصات وعادات العقل الملازمة لها. فعلى سبيل المثال، في مجال العلوم، هذه المهارات هي القدرة على خلق نماذج للعالم، وتطوير نظريات أو فرضيات، والقيام بالتجارب أو الملاحظة، ومن ثم إعادة النظر في النظريات على ضوء الأدلة التجريبية. لكن هذا ليس سوى مثال. وأنا واثق، على الرغم من أنني لست خبيرا، أن لدى التخصصات الأخرى طرائق في التفكير خاصة بها ذات قوة مماثلة، غير بديهية أو معاكسة للبديهة.

غير أن للكلمة التي تدل بالانجليزية على الحقل المعرفي المتخصص، أي كلمة discipline، معنى آخر مهم هو الآخر، هو معنى الانضباط، أي السعي الدائب المنهجي. وفي الواقع، فإن التفسير التحليلي وحل المشاكل، كيفما كانت المنهجية والأساليب، يتطلبان جمع الحقائق، والتلخيص التجريدي دون إغفال التفاصيل الحاسمة، وتمييز التعقيدات، واستكشاف الروابط والصلات، والقيام بكل هذه المهام بمثابرة وصبر (وسأعود إلى الصبر). كل هذا، بطبيعة الحال، يتطلب التدريب. والواقع أن القول الانجليزي القديم المأثور، "التدريب يؤدي إلى الكمال"، لا يزال صحيحا، وهو ما يعيد إلى الأذهان ما قاله عازف البيانو الشهير آرثر روبنشتاين: إذا لم أتدرب على العزف يوماً واحداً، فأنني سألحظ ذلك؛ وإذا لم أتدرب مدة أسبوع؛ فستلحظ الأوركسترا ذلك؛ وإذا لم أتدرب شهراً، فسيلحظ الجمهور ذلك.

لعلكم لاحظتم أنني قلت "راسخ في التخصصات"، بدلا من "راسخ في التخصص". وفي حقيقة الأمر، في العالم المعاصر، يتطلب معظم الأعمال الإلمام بأكثر من تخصص واحد، إن لم يكن لشيء فلتسهيل العمل الجماعي، الذي هو أيضا مهارة لا يستهان بها. وعلاوة على ذلك، فإن الأعمال الأمتع والأكثر إثارة للاهتمام متعددة التخصصات بطبيعتها أو تقع في الحيز المتداخل بين التخصصات.
ويتطلب التفكير بأكثر من تخصص واحد في الوقت نفسه أو التفكير بطريقة متعددة التخصصات مهارة أخرى؛ تلك هي مهارة توليف العناصر المختلفة: أي القدرة على جمع الأشياء (الأفكار والمعلومات والنظم) على نحو يجعلها تلتحم سوية، أي، تشكل كلاًّ متحداً، ومنظّماً وظيفياً ومنسجماً جمالياً.

على أن ثمار التفكير التحليلي وحل المشكلات والتوليف ستذهب سدى إذا أخفق صاحبها في إيصالها إلى الآخرين، بل يمكن القول أن هذه الثمار لا تأتي إلى حيز الوجود إلا إذا تم التواصل بها. وبالفعل، فإن القدرة على الشرح والتفسير والتلخيص والكتابة وغيرها من أشكال العرض والتمثيل، باختصار، القدرة على امتلاك مهارات التواصل، باتت اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى.
قد تقولون إن كل ما قمت به حتى الآن هو وصف المهارات الكلاسيكية، العامة والقابلة للنقل، والتي عادة ما تسعى الجامعات إلى نقلها وتعليمها، أي مهارات القرن العشرين. وستكونون على حق لو قلتم ذلك، فما سعيت إلى القيام به هو القول إن هذه المهارات لن تكون في القرن الحادي والعشرين مطلوبة فحسب، بل إن أهميتها ستزيد أكثر.

والآن إلى مهارات القرن الحادي والعشرين. لقد تمخض عن العولمة اتجاهان متناقضان ظاهرياً: تقلص العالم ليصبح قرية كونية وأصبحت الكيانات التي تتخطى الحدود الوطنية ضرورية لبقاء الدول والأمم، وفي الوقت نفسه برزت أمم وثقافات فرعية، بعضها في ازدهار. ومن المفترض أن يؤدي هذا التناقض الظاهري الى التركيز على المجموعات التالية من المهارات:
أولا، مهارات اللغات الأجنبية؛ فمن الضروري، والجدير بالإعجاب بالطبع، أن يتقن المرء لغته الأم. ومع ذلك، فهذا لا يكفي من أجل البقاء والازدهار، ففي عالم اليوم، يحتاج المرء أن يتقن على الأقل لغة أجنبية واحدة هي على نحو رئيسي "الانكليزية"، التي، شئنا أم أبينا، أصبحت اللغة الرئيسية المتداولة عالميا.
ثانيا، العالمية؛ وتلك هي القدرة ليس فقط على التحرك بسهولة داخل الثقافات وبين الثقافات، ولكن أيضا القدرة على التمتع بجمالها وروعتها، خصوصا وأن الهجرة المؤقتة أو الدائمة أصبحت السمة المميزة لعصرنا الحديث.
ثالثا، المصالحة بين الهويات المتعددة المتداخلة في نفس المرء واحترامها لدى الآخرين. هل لي أن أجرؤ على القول إن كل شخص معاصر مزيج من الهويات، (خذوني أنا على سبيل المثال: أنا فلسطيني وعربي وثقافياً مسلم، ولكوني قد عشت معظم حياتي بعد البلوغ في بريطانيا، فأنا غربي وبريطاني. تقولون يا لهذا الخليط العجيب!). إن الكثير من المشاكل في عالم اليوم نابعة من الإخفاق في المصالحة بين هذه الهويات المتعددة. في كثير من الحالات، ينبثق هذا الإخفاق بدوره عن الاعتقاد المضلل بجوهرانية تقتضي من كل شخص تعريف نفسه أو نفسها على محور واحد جوهري، على حساب استبعاد المحاور الأخرى والعداوة معها.
يُسهّل التصالح مع النفس عملية اكتساب المهارة الأخرى ذات الصلة، ألا وهي احترام الهويات المركبة للآخرين. فبالرغم من أننا متحدون في إنسانيتنا المشتركة، أو ينبغي أن نكون، إلا أننا شعوب مختلفة ذات نظم عقائد وقيم مختلفة. وبالتالي فإن الاحترام المتبادل ضروري للتفاعل الحضاري. لاحظوا، أنني أتحدث عن الاحترام، وليس التسامح. فهذا الأخير في رأيي كريه، لأنه يعني اعتبار الغير مصدر إزعاج لا بد من تحمله على مضض، في حين يتضمن الاحترام الإحتفاء بالتنوع، ومحاولة فهم الآخرين على نحو أفضل، وإيجاد قضية مشتركة معهم.

وهناك أيضاً ظواهر معاصرة أخرى ينبغي أن تؤثر على أهداف اكتساب المهارات في التعليم العالي، وهي على النحو التالي:

  •  فيض المعلومات الذي ينبغي أن يؤدي إلى التركيز على معالجة المعلومات بنجاعة، عقلياً أو بوسائط تقنية: غربلة المعلومات لاستبعاد تلك المشكوك في قيمتها، وتصنيف وتخزين البيانات والمعلومات، واسترجاع البيانات والمعلومات من قواعد البيانات وقواعد المعلومات؛ هذا بالإضافة إلى القدرة على توليف المعلومات (التوليف مرة أخرى!).
  •  التغير السريع المتفاقم في المعارف والتكنولوجيا الذي ينبغي أن يؤدي إلى التركيز على التعلّم الذاتي مدى الحياة. ففي بعض التخصصات ومناحي الحياة، بل ربما في أكثرها، قد يعني التخلف عن المواكبة، حتى ولو فترة قصيرة من الزمن، الفشل الدائم في اللحاق بالركب.
  •   هيمنة التكنولوجيا المستندة إلى العلوم؛ التي ينبغي أن تؤدي إلى التركيز على محو الأميّة التكنولوجية وعلى الوعي بآثار هذه الهيمنة على الخصوصية والحرية.
    أخيراً، أود أن أتناول صفتين قد يبدو الحديث عنهما خارج سياق نقاش المهارات.


الصفة الأولى هي الصبر. يبدو لي أن ثقافة نفاد الصبر تنتشر وتتعزز بين الشباب. هل يعود السبب في ذلك إلى ألعاب الكمبيوتر، تلك التي تمنح اللاعبة شعورا فوريا بقهر العالم وهي مرتاحة في بيتها؟ على أية حال، يمكن للمرء أن يتصور قديساً عصرياً يصلي: يا رب، امنحني الصبر وامنحنيه الآن!

قيل مرة إن الحضارة برمتها تستند إلى تأجيل المتعة، ومن الواضح أن ذلك لتوقع متعة أكبر في وقت لاحق. إذا كان ذلك صحيحا، فإن التوجه المعاصر إلى الإشباع الفوري يقودنا نحو الهمجية. وكيفما كانت الحقيقة في هذه المسألة، دون الصبر، والصبر الكبير، لا يمكن تنمية أو تربية أية مهارة.

الصفة الثانية هي الخُلق. يمكن القول أن الإدراك الأخلاقي يتطور عادة قبل دخول الجامعة بوقت طويل. مع ذلك، بالنظر إلى تعقيدات الحياة المعاصرة تفعل الجامعة خيراً إن سعت إلى تنمية وصقل المهارات الأخلاقية للطلبة، أي قدرتهم على تبني الخيارات الأخلاقية وحل المعضلات الأخلاقية. وإذا كنا في حاجة إلى التذكير بذلك، فهذا ما فعلته الأزمة المالية الدولية الأخيرة.

إننا نقوم بالتعليم من أجل النجاح وينبغي أن نظل نفعل ذلك. لكن التركيز على النجاح قد يؤدي ببعض الطلبة في بعض الأحيان إلى استسهال ارتكاب المخالفات الأخلاقية خوفا من العواقب المترتبة على قيام الطلبة الآخرين بذلك. وهم يقومون بذلك لقناعتهم بأنهم لاحقا في الحياة سيكونون أكثر التزاما بالمعايير الأخلاقية، ما يذكرنا بالقديس (هذه المرة هذا قديس حقيقي) الذي صلى قائلاً: يا رب اجعلني عفيفاً ، ولكن ليس الآن بالضبط!
وفي الختام، لئلا ننسى، دعونا نذكر أنفسنا بالغرض من كل هذه التنمية للمهارات، إنه ببساطة تمكين الطلاب من الاستمتاع بالحياة. يعلم الله أن هناك الكثير من البؤس والفقر والمرض، وفي حالة الشعب الفلسطيني الذي أنتمي إليه من الاحتلال والقهر، ما يكفي لتمزيق الفؤاد. لكن، على حد تعبير الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، "على هذه الأرض ما يستحق الحياة". الهدف الأسمى للتعليم ينبغي أن يكون تمكين الناس من الاستمتاع بالأشياء الجيدة في الحياة. لهذا، نحن بحاجة إلى تنمية الذائقة الفنية والجمالية لدى الطلبة، وهذه أيضاً مهارة للقرن الحادي والعشرين وما بعده.


1 . علي العبادي/ موضوع شيق ومهم بارك الله فيك ...

موضوع شيق ومهم بارك الله فيك


أضف تعليقك

الاسم/الكنية*:
البلد:
البريد الإلكتروني *:
التعليق على *:
العنوان :
التعليق *:



developed by InterTech