"إسرائيل في منظور الائتلاف الحاكم فيها اليوم تفهم الدولة الفلسطينية (إذا كان لا بد منها) بأنها قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على إدارة المناطق المكتظة بالسكان في الضفة وغزة، بحيث تتولى هذه السلطة حرية الإدارة الخدمية لهؤلاء السكان وما يترتب على ذلك من مؤسسات وأجهزة وإجراءات، بما في ذلك حرية اختيار هذه المؤسسات، وبحيث تنحصر الولاية السياسية للسلطة في إطار هذه المناطق (عالية الكثافة السكانية)، وأن يكون التواصل ما بين هذه المناطق عبر نقاط التحكم الإسرائيلية (أي معازل تفصلها نقاط التحكم هذه)، وبحيث تكون مطوّقة من كل الجهات الأربع بالقوات الإسرائيلية، ودون أية سيادة على أي نوع من الحدود البرية أو البحرية، ودون أية سيادة على الأجواء، ولا حتى على باطن الأرض، وكل ذلك مقابل أن يتخلى الطرف الفلسطيني عن أي نوع من السيادة عن شرقي القدس، وأن يتخلى بصورة نهائية عن حق العودة، وأن يكون هذا النوع من الحكم الذاتي للسكان هو نهاية الصراع، وهو آخر المطالب الفلسطينية.
وبحسبة بسيطة، فإن الائتلاف الحاكم في إسرائيل يعتبر "التنازلات المؤلمة" هي "التخلي" عن حوالي 50% من الضفة الغربية مقابل نهاية المطالب الفلسطينية، وفي هذه الحالة فقط يمكن لإسرائيل أن تعترف بهذا الحكم، الحكم الذاتي، على السكان، باعتباره دولة الشعب الفلسطيني التي (تعيش بسلام وأمن) مع دولة الشعب اليهودي، وبذلك فقط يحل السلام بين دولة الشعب اليهودي ودولة الشعب الفلسطيني.
لهذا بالذات، فإن نتنياهو وحكومته يصرّان على أسبقية الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة، باعتبار أن هذا الاعتراف هو القاعدة القانونية التي بموجبها سيتم تصفية قضية حق العودة، وتصفية أية إمكانية لأن تتحول إسرائيل مستقبلاً إلى دولة ثنائية القومية عبر التكاثر الديمغرافي الفلسطيني في الداخل، وبحيث تتحول "قوانين الدولة اليهودية" على آلية يتم بموجبها تصفية المضمون القومي للأقلية الفلسطينية فيها (أي تصفية الهوية الوطنية الفلسطينية لهذه الأقلية)، وتحويل هويتهم إلى هويات، إما دينية أو ثقافية أو غيرها. وهذا هو الذي يفسر إصرار إسرائيل على تقسيم الأقلية الفلسطينية فيها إلى مسلمين ومسيحيين، وإلى عرب ودروز، وإلى بدو وشراكسة، وغيرها وغيرها من المسمّيات."
د. عبد المجيد سويلم، جامعة القدس
"الأيام" 7 تموز 2011