ماذا تفعل المرأة المتعلمة، التي تتزوج وتنجب وتضطر إلى التفرّغ لتربية الأطفال لعدة سنوات، من أجل العودة إلى سوق العمل؟
قد تجد هذه المرأة أن المسألة ليست سهلة. فهي قد تكون مضطرة للعمل والمساهمة في دخل الأسرة، أو أن أولادها قد كبروا كفاية وأصبح بمقدورهم أن يتدبّروا شؤونهم بأنفسهم، أو أن المرأة ترغب في الخروج للعمل والشعور بوجود دور لها في المجتمع خارج المنزل، أو أنها تريد اكتساب المهارات الجديدة وبناء الشخصية الواثقة المعتمدة على النفس، أو غير ذلك.
وتجابه هذه المرأة عدّة تحدّيات. فهي قد فقدت سنوات من "الخبرة" في سوق العمل المأجور، وهي تواجه منافسة الشاباب والشباب من الخريجين الجدد المتحمسين، وتضطر إلى تعلم مهارات ربما فاتتها، مثل مهارات الحاسوب، وتجد صعوبة في الوصول إلى أرباب العمل الذين يريدون أشخاصاً جاهزين للإنتاج فوراً دون تأهيل إضافي.
ونعرض هنا بعض الأفكار الأوّلية السريعة التي قد تساهم في مساعدة المرأة على إيجاد عمل من جديد.
أولاً) إعرفي نفسكِ وماذا تريدين: إلى أين وصلتِ في دراستك وتأهيلك وخبرتك إن كنتِ قد اشتغلتي سابقاً؟ وأيضاً ماهي اهتماماتكِ وهواياتكِ التي قد تفتح أمامكِ فرصاً للتكسّب منها؟
ثانياً) ماهو نوع العمل أو الأعمال التي ترغبين في مزاولتها أو تفضّلينها: عمل مكتبي، في شركات أو مؤسسات أهلية أو عامة أو أكاديمية أو غيرها، أم تفضّلين الأعمال الحرّة، أو الأعمال غير المكتبية، وربما البدء بمشروع خاص جديد؟
ثالثاً) هل مازالت الخبرات التي لديكِ مطلوبة أم أن هناك حاجة لتعلّم الجديد من المهارات؟
رابعاً) كيف تباشرين الاستعداد للبحث عن العمل وأين وكيف، وكيف تستعدّين بالسيرة الذاتية أو المهنية، وكيف تكتسبين المعرفة بأساليب تقديم الطلبات والمقابلات والمثابرة على المحاولة بالرغم من النكسات؟
وأنتِ أكثر شخص قادر على الإجابة عن الأسئلة أعلاه، وهذه بعض الأمور التي ربما يجب أخذها بالاعتبار.
هناك العديد من المؤسسات التعليمية والتدريبية والمهنية التي تقدّم مختلف أنواع التخصصات والدورات وورشات العمل، وهي تعلن باستمرار عن برامجها في الصحف اليومية وفي نشراتها. ويمكن الاتصال بها مباشرة وزيارتها ومقارنة ما تقدّمه بالمطلوب في سوق العمل ومقارنته بمنافساتها.
وأنواع الأعمال المطلوبة يمكن البحث عنها أيضاً في الصحف، وكذلك التعميم على كافة المعارف والأصدقاء والأقارب ومعارف هؤلاء عن استعدادكِ للبحث عن عمل.
وهاتان النقطتان السابقتان قد تكونان متعارضتين. فأي تدريب لأي عمل؟ أيهما الأول؟ إن الجواب هنا يكمن في عدم الاستعجال وإعطاء بعض الوقت للتعرف على كليهما بالتوازي.
ومن أجل الاستعداد لتقديم الطلبات للعمل، فإن إعداد السيرة الذاتية أو المهنية بشكل "مهني" يمكن أن يعطي انطباعاً ذو تأثير أفضل لدى أرباب العمل. ورب قائلة أنه لن يكون هناك الكثير لوضعه في السيرة، بعد الانقطاع الطويل عن العمل. ولكن يجب أن نعيد النظر في ذلك. فالمرأة التي تتزوج وتنجب وتدبر المنزل تكتسب خبرات كثيرة يمكن أن تكون مرغوبة جدّأ في الكثير من الأعمال. فباستطاعتها مثلاً وضع المهارات التالية في سيرتها المكتوبة:
- خبرة في معالجة المشاكل والأزمات والاستعداد للعمل في عدّة أمور في الوقت نفسه
- التعامل مع الأمزجة النفسية المختلفة، وتحمّل ضغط العمل والمتطلبات المختلفة
- تأمين الاحتياجات المادية من الطلبات والتزويد والاحتياط والاستهلاك
- تحمل المسؤولية الكاملة والقدرة على متابعة الأمور إلى نهاياتها والاعتماد على ذلك
- إمكانية تعلّم مهارات جديدة باستمرار
ولابد أنكِ قادرة على إضافة أمور وخبرات أخرى.
وهناك مهارات لم يعد من الممكن العمل بدونها. وهي طبعاً معرفة استخدام الحاسوب وتطبيقاته الأساسية ولاسيما استخدام الإنترنت. ولم يعد هذا ترفاً. فعن طريق الإنترنت يمكن معرفة الكثير وتعلّم أشياء عديدة جدّاً، لا أقلّها كيفية كتابة السيرة الذاتية والتعرّف على مهارات المقابلة.
ثم أننا لايجب أن ننتظر العمل ليأتي إلينا فقط عن طريق الصحيفة أو المعارف. فإن كثيراً من الأشخاص يرون فرص العمل في العديد من الأماكن بمراقبة كيفية سير الأمور فيها ورؤية النواقص والفرص ومن ثم التوجه لأصحابها باقتراحات مدروسة وجريئة للمساعدة في حلّها أو تطويرها.
وحظاً سعيداً.
غسان عبدالله، عن ملحق "صوت المرأة"