نزار قباني
في بلاد يغتال فيها المفكرون،ويٌكفر الكاتب وتٌحرق الكتب، في مجتمعات ترفض الآخر، وتفرض الصمت على الأفواهوالحجر على الأفكار، وتكفر أي سؤال، كان لابد أن استأذنكم أن تسمحوالي..
فهل تسمحون لي أن أربّي أطفالي كما أريد، وألاتملوا علي أهواءكم وأوامركم؟
هل تسمحون لي أن أعلّم أطفالي أن الدين لله أولاً، وليس للمشايخ والفقهاءوالناس؟
هل تسمحون لي أن أعلم صغيرتي أن الدين هو أخلاق وأدب وتهذيب وأمانة وصدق، قبل أن أعلمها بأي قدم تدخل الحمام وبأي يد تأكل؟
هل تسمحون لي أن أعلم ابنتي أن الله محبة، وأنها تستطيع أن تحاوره وتسأله ما تشاء، بعيدا عن تعاليم أي أحد؟
هل تسمحون لي ألا أذكر عذاب القبر لأولادي، الذين لم يعرفوا ما هو الموت بعد؟
هل تسمحون لي أن أعلم ابنتي أصول الدين وأدبه وأخلاقه، قبل أن أفرض عليها الحجاب؟
هل تسمحون لي أن أقول لابني الشاب أن إيذاء الناس وتحقيرهم لجنسيتهم ولونهم ودينهم، هو ذنب كبير عندالله؟
هل تسمحون لي أن أقول لابنتي أن مراجعة دروسها والاهتمام بتعليمها أنفع وأهم عند الله من حفظ آيات القرآن عن ظهرقلب دون تدبر معانيها؟
هل تسمحون لي أن أعلم ابني أن الاقتداء بالرسول الكريم يبدأ بنزاهته وأمانته وصدقه، قبل لحيته وقصر ثوبه؟
هل تسمحون لي أن أقول لابنتي أن صديقتهاالمسيحية ليست كافرة وألا تبكي خوفا عليها من دخول النار؟
هل تسمحون لي أن أجاهر، أن الله لم يوكل أحدا في الأرض بعد الرسول لأن يتحدث باسمه ولم يخول أحداً بمنح 'صكوك الغفران' للناس؟
هل تسمحون لي أن أقول، أن الله حرم قتل النفس البشرية، وأن من قتل نفسا بغيرحق كأنما قتل الناس جميعا، وأنه لا يحق لمسلم أن يروع مسلما؟
هل تسمحون لي أن أعلّم أولادي أن الله أكبر وأعدل وأرحم من كل فقهاء الأرض مجتمعين؟ وأن مقاييسه تختلف عن مقاييس المتاجرين بالدين، وأن حساباته أحنّ وأرحم؟
هل تسمحون لي؟
نزار قباني